يسألونك عن الزكاة تأليف األستاذ الدكتور حسام الدين بن موسى عفانة منسق ماجستير الفقه والتشريع كلية الدعوة وأصول الدين / جامعة القدس

Transcription

1 يسألونك عن الزكاة تأليف األستاذ الدكتور حسام الدين بن موسى عفانة منسق ماجستير الفقه والتشريع كلية الدعوة وأصول الدين / جامعة القدس 1

2 الطبعة األولى أبوديس / بيت المقدس / فلسطين 1221 ه 2002 م من منشورات لجنة زكاة القدس 2

3 3

4 2

5 5

6 إن الحمد هلل نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ باهلل من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده اهلل فال مضل له ومن يضلل فال هادي له وأشهد أن ال إله إال اهلل وحده ال شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. ح ق ت ق ات ه و ال ت م وت ن إ ال و أ ن ت م م س ل م و ن ي ا أ ي ه ا ال ذ ين آم ن وا ات ق وا للا ي ا أ ي ه ا الن اس ات ق وا ر ب ك م ال ذ ي خ ل ق ك م م ن ن ف س و اح د ة و خ ل ق م ن ه ا ال ذ ي ت س اء لون ب ه ز و ج ه ا و ب ث م ن ه م ا ر ج اال ك ث ير ا و ن س اء و ات ق وا للا و األ ر ح ام إ ن للا ك ان ع ل ي ك م ر ي يب ا و ي ول وا ي و ال س د يد ا ي ص ل ح ل ك م أ ع م ال ك م ي ا أ ي ه ا ال ذ ين آم ن وا ات ق وا للا و ر س ول ه ف ق د ف از ف و ز ا ع ظ يم ا. و ي غ ف ر ل ك م ذ ن وب ك م و م ن ي ط ع للا وبعد فإن الزكاة فريضة من ف ارئض اهلل عز وجل وقد ورد ذكرها مقترنة بالصالة في كثير من النصوص القرآنية كما في قوله تعالى: و أ ي يم وا الص ل ة و ء ات وا الز ك ا ة سورة البقرة اآلية 23. و ولهق تعالى: وأ ي يم وا الص ل ة و ء ات وا الز ك اة و م ا ت ق د م وا أل ن ف س ك م م ن ب م ا ت ع م ل ون ب ص ير سورة البقرة اآلية 110. خ ي ر ت ج د وه ع ن د للا إ ن للا و ولهق تعالى: إ ن ال ذ ين آم ن وا و ع م ل وا الص ال ح ات و أ ي ام وا الص لة و آت و ا الز ك اة ل ه م أ ج ر ه م ع ن د ر ب ه م و ال خ و ف ع ل ي ه م و ال ه م ي ح ز ن و ن البقرة اآلية.222 وغير ذلك من اآليات القرآنية الكريمة. سورة 6

7 وكل هذا يدل على أهمية الزكاة ومكانتها في دين اإلسالم فهي الركن المالي من أركان اإلسالم ودعائمه الخمس الزكاة وفق األسس والقواعد المستمدة من كتاب اهلل عليه وسلم وال شك كفيل بحل مشكلة الفقر لدى المسلمين. نظام تطبيق أن اهلل وسنة رسوله صلى ومن المعروف أن لجان الزكاة في فلسطين لها دور بارز في إحياء فريضة الزكاة وتفعيلها في المجتمع المحلي هذه اللجان ال تلتزم االلت ازم المطلوب بأحكام على الرغم من أن بعض الزكاة بشكل عام وخاصة ما يتعلق بتوزيعها. فال بد من تصحيح مسيرة لجان الزكاة حتى تصل إلى الهدف المرجو من وجودها ولعل من األوليات لتصحيح مسار لجان الزكاة هو التفقه في أحكام الزكاة فينبغي يكون أن أعضاء لجان الزكاة على معرفة باألحكام الفقهية للزكاة باإلضافة إلى تحليهم بالصفات الحميدة واألخالق الفاضلة كالصدق واألمانة والعفة... الخ. وبناء على ما تقدم وضعت هذا الكتاب الذي جمعت فيه عددا من المسائل الفقهية المتعلقة بالزكاة وزكاة الفطر والصدقة الجارية ورغبت أن أضعها بين يدي المهتمين بالزكاة في بالدنا ليكون إضاءة في طريق إحياء هذه الفريضة وحسن تطبيقها في مجتمعنا المحلي. وفي الختام أشكر اإلخوة الك ارم أعضاء لجنة زكاة القدس على تفضلهم بطباعة هذا الكتاب فج ازهم اهلل خير الج ازء وبارك اهلل فيهم. وصلى اهلل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. كتبه األستاذ الدكتور حسام الدين بن موسى عفانة 2

8 صباح يوم الخميس وفق أبوديس/ القدس المحتلة الثامن من جمادى األولى 1221 ه ال اربع والعشرين من أيار 2002 م. 1

9 9

10 ي ت ت ب ف ئ نصوص قرآنية في الزكاة يقول تعالى: وأ ي يم وا الص ل ة و ء ات وا الز ك اة و م ا ت ق د م وا أل ن ف س ك م ب م ا ت ع م ل ون ب ص ير سورة م ن خ ي ر ت ج د وه ع ن د للا إ ن للا البقرة اآلية 110. يال للا تعالى: خ ذ م ن أ م و ال ه م ص د ي ة ت ط ه ر ه م و ت ز ك يه م ب ه ا و ص ل ع ل ي ه م إ ن ص ل ت ك س ك ن ل ه م و للا س م يع ع ل يم سورة التوبة اآلية 103. ويال تعالى: و أ ي يم وا الص ل ة و ء ات وا الز ك اة سورة البقرة اآلية 23. ويال تعالى: و ال ذ ين ه م لل ز كا ة فا عل و ن سورة المؤمنون اآلية 2. ويال تعالى: و ر ح م ي و س ع ت ك ل ش سأ ك ها ل ل ذ ي ن ي تق و ن و ؤ تو ن ال ز كا ة وال ذي ن ه م بآ يات نا ي ؤ م نو ن سورة األعراف اآلية 156. ويال تعالى: و ال ذ ين ي ك ن ز ون الذ ه ب و ال ف ض ة و ال ي ن ف ق ون ه ا ف ي س ب يل للا ف ب ش ر ه م ب ع ذ اب أ ل يم ي و م ي ح م ى ع ل ي ه ا ف ي ن ار ج ه ن م ف ت ك و ى ب ه ا ج ب اه ه م و ج ن وب ه م و ظ ه ور ه م ه ذ ا م ا ك ن ز ت م أل ن ف س ك م ف ذ وي وا م ا ك ن ت م ت ك ن ز ون سورة التوبة اآليتان ويال تعالى: فآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ذلك خير للذين يريدون وجه للا وأولئك هم المفلحون وما آتيتم من رب ا ليربوا في أموال الناس ف ل يربوا عند للا وما آتيتم من زكاة تريدون وجه للا فأولئك هم المضعفون سورة الروم اآليتان ويال تعالى: إ ن م ا الص د ي ات ل ل ف ق ر اء و ال م س اك ين و ال ع ام ل ين ع ل ي ه ا و ال م ؤ ل ف ة ي ل وب ه م و ف ي الر ي اب و ال غ ار م ين و ف ي س ب يل ه للا و اب ن 10

11 الس ب يل ف ر يض ة م ن ه للا و.60 ه للا ع ل يم ح ك يم سورة التوبة اآلية 11

12 نصوص نبوية في الزكاة عن ابن عمر رضي للا عنهما أن رسول للا صلى للا عليه وسلم يال: )بني اإلس لم على خ م س: شهادة أال إله إال للا وأن محمدا رسول للا وإيام الص لة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وح هج البيت من استطاع إليه سبي ل ( رواه البخاري ومسلم. وع ن اب ن ع ب ا س رضي للا عنهما أ ن ر س ول للا ص ل ى للا ع ل ي ه و س ل م ل م ا ب ع ث م ع اذ ا إ ل ى ال ي م ن ي ا ل:)إ ن ك ت ق د م ع ل ى ي و م أ ه ل ك ت اب ف ل ي ك ن أ و ل ف أ خ ب ر ه م أ ن للا م ا ت د ع وه م إ ل ي ه ع ب اد ة للا ع ز و ج ل ف إ ذ ا ع ر ف وا للا ف ر ض ع ل ي ه م خ م س ص ل و ات ف ي ي و م ه م و ل ي ل ت ه م ف إ ذ ا ف ع ل وا ف أ خ ب ر ه م أ ن ي د ف ر ض ع ل ي ه م ز ك اة ت ؤ خ ذ م ن أ غ ن ي ائ ه م ف ت ر د ع ل ى ف ق ر ائ ه م ف إ ذ ا للا أ ط اع وا ب ه ا ف خ ذ م ن ه م و ت و ق ك ر ائ م أ م و ال ه م ( رواه البخاري ومسلم. وع ن أ ب ي ه ر ي ر ة ر ض ي للا ع ن ه أ ن أ ع ر اب يا أ ت ى الن ب ي ص ل ى للا ع ل ي ه و س ل م ف ق ال : د ل ن ي ع ل ى ع م ل إ ذ ا ع م ل ت ه د خ ل ت ال ج ن ة ي ال : ت ع ب د للا ال ت ش ر ك ب ه ش ي ئ ا و ت ق يم الص ل ة ال م ك ت وب ة و ت ؤ د ي الز ك اة ال م ف ر وض ة و ت ص وم ر م ض ان ي ال و ال ذ ي ن ف س ي ب ي د ه ال أ ز يد ع ل ى ه ذ ا ف ل م ا و ل ى ي ال الن ب ي ص ل ى للا ع ل ي ه و س ل م : م ن س ر ه أ ن ي ن ظ ر إ ل ى ر ج ل م ن أ ه ل ال ج ن ة ف ل ي ن ظ ر إ ل ى ه ذ ا( رواه البخاري ومسلم. وعن أ بي ه ر ي ر ة ر ض ي للا ع ن ه ي ا ل: ي ال الن ب ي ص ل ى للا ع ل ي ه و س ل م )ما من صاحب ذهب وال فض ة ال يؤدي منها حقها إال إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار فأحمي عليها في نار جهنم فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره كلما بردت أعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين العباد فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار ييل يا رسول للا فاإلبل يال: وال صاحب إبل ال يؤدي منها حقها ومن حقها حلبها يوم وردها إال إذا كان يوم القيامة بطح لها بقاع يري ر أوفر ما كانت ال يفقد منها فصي ل واحدا تطؤه بأخفافها وتعضه بأفواهها كلما مر عليه أوالها ر د عليه أ خراها في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين العباد فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار ييل يا رسول للا فالبقر والغنم يال: وال صاحب بقر وال غن م ال يؤدي منها حقها إال إذا كان يوم القيامة بطح لها بقا ع يرير ال يفقد منها شيئا ليس فيها عقصاء وال جلحاء وال عضباء 12

13 تنطحه بقرونها وتطؤه بأظ لفها كلما م هر عليه أوالها ر د عليه أخراها في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين العباد فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار( رواه مسلم. وعن جرير بن عبد للا رضي للا عنه يال: )بايعت رسو ل للا صلى للا عليه وسلم على إيام الص لة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم( رواه البخاري. األموال الزكوية 13

14 12

15 أنصبة الزكاة توقيفية ال يجوز تعديلها مطلقا يقول السائل: ما قولكم فيمن يزعم أن أنصبة الزكاة المقدرة شرعا إنما هي من باب السياسة الشرعية وقد وضعها النبي صلى اهلل عليه وسلم لمناسبتها لألوضاع االقتصادية في عهده صلى اهلل عليه وسلم وال مانع من تغييرها لتتفق مع األوضاع االقتصادية للناس في كل عصر الجواب: من المعلوم عند أهل العلم أن الزكاة من العبادات واألصل في العبادات التوقيف عن النبي صلى اهلل عليه وسلم قال شيخ اإلسالم ابن تيمية:]إن تصرفات العباد من األقوال واألفعال نوعان: عبادات يصلح بها دينهم وعادات يحتاجون إليها في دنياهم فباستق ارء أصول الشريعة نعلم أن العبادات التي أوجبها اهلل أو أحبها ال يثبت األمر بها إال بالشرع وأما العادات فهي ما اعتاده الناس في دنياهم مما يحتاجون إليه واألصل فيه عدم الحظر فال يحظر منه إال ما حظره اهلل سبحانه وتعالى وذلك ألن األمر والنهي هما شرع اهلل والعبادة ال بد أن تكون مأمو ار بها فما لم يثبت أنه مأمور به كيف يحكم عليه بأنه محظور ولهذا كان أحمد وغيره من فقهاء أهل الحديث يقولون: إن األصل في العبادات التوقيف فال يشرع منها إال ما شرعه اهلل واال دخلنا في معنى قوله تعالى: أ م ل ه م ش ر ك اء ش ر ع وا ل ه م.]21 م ن الد ين م ا ل م ي أ ذ ن ب ه للا سورة الشورى اآلية القواعد النو ارنية ص 112. وقال شيخ اإلسالم ابن تيمية أيضا :]ولهذا كان أحمد وغيره من فقهاء أهل الحديث يقولون: إن األصل في العبادات التوقيف فال يشرع منها 15

16 إال ما شرعه اهلل تعالى واال دخلنا ش ر ع وا ل ه م م ن الد ين م ا ل م ي أ ذ ن ب ه للا في معنى سورة قوله: أ م ل ه م ش ر ك اء 21. اآلية الشورى والعادات األصل فيها العفو فال يحظر منها إال ما حرمه واال دخلنا في معنى و ح ل ال قوله: ي ل أ ر أ ي ت م م ا أ نز ل ه للا ل ك م م ن ر ز ق ف ج ع ل تم م ن ه ح ر ام ا 59. اآلية يونس سورة ولهذا ذم اهلل المشركين الذين شرعوا من الدين ما لم يأذن به اهلل وحرموا ما لم يحرمه في سورة األنعام من قوله تعالى: و ج ع ل وا ل ل ه م م ا ذ ر أ م ن ال ح ر ث و األ ن ع ام ن ص يب ا ف ق ال وا ه ذ ا ل ل ه ب ز ع م ه م و ه ذ ا لشركائنا ف م ا ك ا ن لشركائهم ف ل ي ص ل إ ل ى ه للا و م ا ك ان ل ل ه ف ه و ي ص ل إ ل ى شركائهم س اء م ا ي ح ك م ون و ك ذ ل ك ز ي ن ل ك ث ير م ن ال م ش ر ك ين ي ت ل أ و ال د ه م ش ر ك آؤ ه م ل ي ر د وه م و ل ي ل ب س وا ع ل ي ه م د ين ه م و ل و ش اء ه للا م ا ف ع ل وه ف ذ ر ه م و م ا ي ف ت ر ون و ي ال وا ه ذ ه أ ن ع ام و ح ر ث ح ج ر ال ي ط ع م ه ا إ ال م ن هنش اء ب ز ع م ه م و أ ن ع ام ح ر م ت ظ ه ور ه ا و أ ن ع ام ال ي ذ ك ر ون اس م ه للا ع ل ي ه ا اف ت ر اء ع ل ي ه س ي ج ز يه م ب م ا ك ان وا ي ف ت ر و ن سورة األنعام التحريمات. اآليات فذكر ما ابتدعوه من العبادات ومن وفي صحيح مسلم عن عياض بن حمار عن النبي صلى اهلل عليه وسلم قال:)قال اهلل تعالى: رضي اهلل عنه إني خلقت عبادي ح ن فاء فاجتالتهم الشياطين وحر م ت عليهم ما أحللت لهم وأم ر ت هم أن يشركوا بي ما لم أنز ل به سلطانا(. مجموع فتاوى شيخ اإلسالم قاعدة عظيمة نافعة وهذه ]....12/29 ومن المعلوم أن تحديد أنصبة الزكاة في األموال الزكوية ثابت عن النبي صلى اهلل عليه وسلم رضي اهلل عنه:)أن أبا بكر فقد جاء في الحديث الطويل رضي اهلل عنه عن أنس كتب لهم إن هذه ف ارئض 16

17 الصدقة التي فرض رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم على المسلمين التي أمر اهلل بها ورسوله فمن س ئ لها من المسلمين على وجهها فليعطها ومن س ئل فوق ذلك فال يعطه فيما دون خمس وعشرين من ود من الثالثة إلى العشرة ود شاة - الذ اإلبل والغنم في كل خمس ذ - فإذا بلغت خمسا وعشرين ففيها ابنة مخاض إلى خمس وثالثين... وفي صدقة الغنم في سائمتها إذا كانت أربعين ففيها شاة إلى عشرين ومائة فإذا ازدت ففيها شاتان إلى مائتين فإذا ازدت واحدة ففيها ثالث شياه إلى ثالثمائة فإذا ازدت ففي كل مائة شاة... (. ]والحديث بطوله رواه البخاري في صحيحه مفرقا في كتاب الزكاة فجمعته بحروفه[. قاله اإلمام النووي في المجموع 313/5. وورد في الحديث عن معاذ بن جبل رضي اهلل عنه قال:)بعثني رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم إلى اليمن وأمرني أن آخذ من كل ثالثين من البقر تبيعا أو تبيعة ومن كل أربعين مسنة...( رواه مالك في الموطأ وأبو داود والترمذي والنسائي وقال الترمذي حديث حسن ورواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي وصححه العالمة األلباني في صحيح سنن أبي داود 296/1. وحكى الحافظ ابن حجر العسقالني عن الحافظ ابن عبد البر أنه قال: ال خالف بين العلماء أن السنة في زكاة البقر على ما في حديث معاذ وأنه النصاب المجمع عليه فيها انظر نيل األوطار 129/2. وروى ابن عمر رضي اهلل عنهما ( نأ النبي صلى اهلل عليه وسلم كتب كتاب الصدقة وفيه: وفى الغنم في كل أربعين شاة شاة إلى عشرين 12

18 ومائة فإذا ازدت واحدة ففيها شاتان ففيها ثالث شياه مائة شاة( ثالثمائة إلى المائتين شاة فإذا ازدت على فإن كانت الغنم أكثر من ذلك ففي رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وغيرهم كل وقال الترمذي حديث حسن وصححه العالمة األلباني في صحيح سنن أبي داود.292/1 أبي سعيد وعن وسلم:)ليس الخدري رضي اهلل عنه قال: قال النبي ص ىل فيما دون خمسة أوسق - في التمر صدقة وليس فيما دون خمس أواق ومقدار األوقية أربعون درهما خمس ذود من اإلبل صدقة( وعن جابر رضي اهلل عنه اهلل عليه جمع وسق وهو ستون صاعا رواه قال: جمع أوقية بضم الهمزة من الورق صدقة وليس فيما ومسلم. البخاري دون قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم:)ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة وليس فيما دون خمس ذود من اإلبل صدقة وليس فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة( رواه مسلم. وعن أبي هريرة رضي اهلل عنه أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم قال:)وفي الركاز الخمس( األحاديث. رواه إذا تقرر أن تحديد أنصبة الزكاة توقيفية أو نقص العالمة البخاري ومسلم وغير ذلك من فال يجوز ألحد تغييرها بزيادة والشك أن الشارع الحكيم له حكمة في هذه التقدي ارت شاه ولي اهلل الدهلوي:]الحكمة في أنصبة الزكاة أقول: قال إنما قدر من الحب والتمر خمسة أوسق ألنها تكفي أقل أهل بيت إلى سنة. 11

19 وذلك ألن أقل البيت الزوج والزوجة وثالث-خادم أو ولد بينهما- وما يضاهي ذلك من أقل البيوت. وغالب قوت اإلنسان رطل أو م د من الطعام فإذا أكل كل واحد من هؤالء ذلك المقدار كفاهم لسنة وبقيت بقية لنوائبهم أو إدامهم. وانما قد ر من الورق خمس أواق ألنها مقدار يكفي أقل أهل بيت سنة كاملة إذا كانت األسعار موافقة في أكثر األقطار. واستقرئ عادات البالد المعتدلة في الرخص والغالء تجد ذلك.وانما قد ر من اإلبل خمس ذود وجعل زكاته شاة وان كان األصل أال تؤخذ الزكاة إال من جنس المال وأن يجعل النصاب عددا له بال ألن اإلبل أعظم المواشي جثة وأكثرها فائدة: يمكن أن ت ذبح وت ركب وت حلب وي طلب منها النسل وي ستدفأ بأوبارها وجلودها. وكان بعضهم يقتني نجائب قليلة تكفي كفاية الصرمة مجموعة من اإلبل - وكان البعير يسو ى في ذلك الزمان بعشر شياه وبثمان شياه واثنتي عشرة شاة كما ورد في كثير من األحاديث فجعل خمس ذود في حكم أدنى نصاب من الغنم وجعل فيها شاة[ حجة اهلل البالغة 26/2. وخالصة األمر أن تحديد أنصبة الزكاة توقيفي ثابت عن النبي ص ىل اهلل عليه وسلم وال يجوز ألحد مهما كان حاكما أو محكوما أن يغيره بزيادة أو نقص. اشتراط الحول في الزكاة 19

20 يقول السائل: إنه ق أر في كتاب فقه الزكاة للدكتور يوسف القرضاوي أنه لم يثبت حديث صحيح في اشت ارط الحول في الزكاة فما قولكم في ذلك الجواب: من المعروف عند أهل العلم أن أهم مصدر في المكتبة اإلسالمية المعاصرة في موضوع الزكاة هو كتاب فقه الزكاة للدكتور يوسف القرضاوي حيث إنه بحث الزكاة بتوسع وعمق يشكر عليه. وقد تعرض لمسألة اشت ارط الحول في الزكاة في موضعين من كتابه ففي الموضع األول ذكر حوالن الحول ضمن شروط المال الذي تجب فيه الزكاة فقد ذكر أنه يشترط فيه ما يلي: 1. الملك التام. 2. النماء. 3. بلوغ النصاب. 2. الفضل عن الحوائج األصلية. 5. السالمة من الدين. 6. حوالن الحول. فقال:]ومعناه: أن يمر على الملك في ملك المالك اثنا عشر شه ار عربيا وهذا الشرط إنما هو بالنسبة لألنعام والنقود والسلع التجارية "وهو ما يدخل تحت اسم زكاة أرس المال" أما الزروع والثمار والعسل والمستخرج من المعادن والكنوز ونحوها فال يشترط لها حول وهو ما يمكن أن يدخل تحت اسم "زكاة المدخل"[ فقه الزكاة 161/1. 20

21 ثم نقل الدكتور القرضاوي كالم بعض أهل العلم في اشت ارط الحول وخالف بعض العلماء في عدم اشت ارط الحول ثم قال:]وقد ذكر ابن رشد في سبب االختالف أنه لم يرد في ذلك حديث ثابت ثم عقب الدكتور القرضاوي على ذلك بقوله: وهو توجيه صحيح كما سنبينه في موضعه إن شاء اهلل[ فقه الزكاة 163/1. وقد وفى الدكتور القرضاوي بما وعد فقد فصل الكالم على األحاديث الواردة في اشت ارط الحول فقال:]روي اشت ارط الحول عن النبي صلى اهلل عليه وسلم من حديث أربعة من الصحابة هم علي وابن عمر وأنس وعائشة رضي اهلل عنهم ولكن هذه األحاديث كلها ضعيفة ال تصلح للحجة[ فقه الزكاة 292/1. ثم فصل الكالم على األحاديث األربعة من حيث السند. وبعد كالم طويل عن األحاديث السابقة قال الدكتور القرضاوي:]وبهذا البيان يتضح لنا أنه ليس في اشت ارط الحول حديث ثابت مرفوع إلى النبي صلى اهلل عليه وسلم[ فقه الزكاة 292/1. ثم قال في موضع آخر:]إن اشت ارط الحول في كل مال - حتى المستفاد منه - ليس فيه نص في مرتبة الصحيح أو الحسن الذي يؤخذ منه حكم شرعي عام لألمة وتقيد به النصوص المطلقة وهذا ما صرح به علماء الحديث وانما صح ذلك من قول بعض الصحابة كما ذكرنا[ فقه الزكاة 505/1. هذا مختصر كالم الدكتور القرضاوي في المسألة وقد اعتمد فيما ذهب إليه على كالم بعض أهل الحديث في الحكم على األحاديث الواردة 21

22 ال) في اشت ارط الحول وأنها ضعيفة ال تصلح للحجة ولكنني أخالفه فيما ذهب وأرى أن ما ذهب إليه الدكتور القرضاوي من عدم اشت ارط الحول في الزكاة هو قول ضعيف ومخالف لما عليه جماهير الصحابة وأئمة الفتوى من الفقهاء انظر المجموع 361/5 مجموع فتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية 12/25. وقد وقفت بعد البحث والتقصي على كالم لبعض أهل العلم يقوى األحاديث التي اشترطت الحول في الزكاة فأقول وباهلل التوفيق: إن كالم العالمة ابن رشد الذي ساقه الدكتور القرضاوي وصوبه فيه إثبات قوي الشت ارط الحول واليك نص كالم ابن رشد:]وأما وقت الزكاة فإن جمهور الفقهاء يشترطون في وجوب الزكاة في الذهب والفضة والماشية الحول لثبوت ذلك عن الخلفاء األربعة والنتشاره في الصحابة رضي اهلل عنهم والنتشار العمل به والعتقادهم أن مثل هذا االنتشار من غير خالف ال يجوز أن يكون إال عن توقيف. وقد روي مرفوعا من حديث ابن عمر عن النبي صلى اهلل عليه وسلم أنه قال: زكاة في مال حتى يحول عليه الحول( وهذا مجمع عليه عند فقهاء األمصار وليس فيه في الصدر األول خالف إال ما روي عن ابن عباس ومعاوية وسبب االختالف أنه لم يرد في ذلك حديث ثابت[ بداية المجتهد 29-21/5. والو رق فال تجب الزكاة في وقال الحافظ ابن عبد البر:] وأما الذهب شيء منها إال بعد تمام الحول أيضا وعلى هذا جمهور العلماء والخالف فيه شذوذ وال أعلمه إال شيء روي عن ابن عباس ومعاوية 22

23 أنهما قاال: من ملك النصاب من الذهب والورق وجبت عليه الزكاة في الوقت. وهذا قول لم يعرج عليه أحد من العلماء وال قال به أحد من أئمة الصحابة وال قال به أحد من أئمة الفتوى إال رواية عن األو ازعي [ فتح المالك بتبويب التمهيد البن عبد البر على موطأ مالك.20/5 وذكر الحافظ ابن عبد البر أن القول باشت ارط الحول في الزكاة عليه جماعة الفقهاء قديما وحديثا ال يختلفون فيه أنه ال يجب في مال من العين وال في ماشية زكاة حتى يحول عليه الحول إال ما روي عن ابن عباس وعن معاوية أيضا وال أعلم أحدا من الفقهاء قال بقول معاوية وابن عباس في اط ارح مرور الحول إال مسألة جاءت عن األو ازع. وعقب الحافظ ابن عبد البر بقوله:]هذا قول ضعيف متناقض[ انظر االستذكار 33-32/9. إن القول باشت ارط الحول في الزكاة قال به األئمة األربعة وثبت ذلك عن الخلفاء األربعة وهو قول مشهور بين الصحابة وعملوا به وهذا االنتشار ال يجوز إال أن يكون عن توقيف كما قال العالمة ابن رشد. بداية المجتهد 21/5. وقال أبو عبيد القاسم بن سالم مؤيدا اشت ارط الحول:]فقد تواترت اآلثار عن علية أصحاب رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم بهذا[ كتاب األموال ص

24 إذا ثبت هذا فنعود إلى أقوال المحدثين في األحاديث الواردة في اشت ارط الحول وهي عدة أحاديث منها حديث ابن عمر أن النبي صلى اهلل عليه وسلم قال:)ال زكاة في مال حتى يحول عليه الحول( رواه الترمذي وابن ماجة والبيهقي والدار قطني وغيرهم. وقد ورد بهذا اللفظ ونحوه عن جماعة من الصحابة منهم علي وعائشة وأنس وأم سعد األنصارية وس ارء بنت نبهان رضي اهلل عنهم. وهذه األحاديث فيها كالم طويل ألهل الحديث ال يتسع المقام إلي ارده وهذه األحاديث حكم عليها بعض أهل الحديث بالضعف كما فصله الدكتور القرضاوي في كتابه إال أن جماعة أخرى من أهل الحديث يرون أن هذه األحاديث تصلح لالستدالل بمجموع طرقها بل إن بعض طرقها صحيح أو حسن. قال الشيخ أحمد الغماري بعد أن تكلم على أسانيد هذه األحاديث:] إال أن مجموع هذه األحاديث مع حديث علي الذي هو حسن يصل إلى درجة المعمول به ال سيما مع تواتر ذلك عن الصحابة كما قال أبو عبيد في األموال: قد تواترت اآلثار عن علية أصحاب رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم بهذا ثم أسند ذلك عن علي وابن عمر وأبي بكر وعثمان وابن مسعود وطارق بن شهاب وفي مصنف ابن أبي شيبة زيادة أبي بكرة وعائشة وبعض ذلك في الموطأ كأثر ابن عمر وعثمان[ الهداية في تخريج أحاديث البداية 16-12/5. وحديث علي الذي أشار إليه الشيخ الغماري هو أن النبي صلى اهلل عليه وسلم قال:)قد عفوت عن صدقة الخيل والرقيق فهاتوا من الرقة 22

25 ربع العشر من كل مئتي درهم خمسة د ارهم ومن كل عشرين دينا ار نصف دينار وليس في مئتي درهم شيء حتى يحول عليها الحول ففيها خمسة د ارهم الخ( رواه أبو داود والبيهقي وصححه الشيخ األلباني في صحيح سنن أبي داود 296/1. وكذلك فإن الشيخ األلباني صحح حديث ابن عمر المذكور بمجم عو طرقه وذكر أن حديث علي السابق يقويه فقال:]ثم وجدت للحديث طريقا أخرى بسند صحيح عن علي رضي اهلل عنه خرجته في صحيح أبي داود فصح الحديث والحمد هلل[ إرواء الغليل 251/3. وقال اإلمام الزيلعي عن حديث علي المذكور:] فالحديث حسن قال النووي رحمه اهلل في الخالصة وهو حديث صحيح أو حسن[ نصب ال ارية 321/2. وقال الحافظ ابن حجر:] حديث علي ال بأس بإسناده واآلثار تعضده فيصلح للحجة واهلل أعلم[ التلخيص الحبير 156/2. وقال الحافظ أيضا : إنه حديث حسن. بلوغ الم ارم ص 121. كما أن الحافظ الع ارقي قد جود إسناد حديث علي كما في إتحاف السادة المتقين 16/2. وقال اإلمام الشوكاني بعد أن ذكر األحاديث الواردة في اشت ارط الحول:]ومجموع هذه األحاديث تقوم به الحجة في اعتبار الحول[ السيل الج ارر 13/2. وأما ما نقله الدكتور القرضاوي عن الشيخ ابن حزم من تضعيفه لحديث علي المذكور فقد رجع ابن حزم عن كالمه هذا في كتابه 25

26 المحلى فقال في آخر المسألة:]ثم استدركنا ف أرينا أن حديث جرير ابن حازم مسند صحيح ال يجوز خالفه الخ كالمه[ تهذيب السنن.312/1 وبعد هذا العرض الموجز ألقوال العلماء يظهر لي أن اشت ارط الحول في الزكاة ثابت عن النبي صلى اهلل عليه وسلم وأنه ال زكاة في مال حتى يحول عليه الحول وما كان أكثر الصحابة رضي اهلل عنهم ليقولوا بهذا القول لوال وقوفهم فيه على شيء عن النبي صلى اهلل عليه وسلم إذ أن هذا الشرط متعلق بعبادة من العبادات واألصل في العبادات التوقيف على النبي صلى اهلل عليه وسلم فما ورد عن الصحابة في هذا الشرط له حكم الرفع إذ ال مسرح لالجتهاد في ذلك. انظر سبل السالم 263/2. يقول السائل: تعجيل الزكاة إن له قريبا فقي ار وبحاجة ماسة إلى المال وقد أخرجت زكاة ماله لهذه السنة فهل يجوز له يعطي قريبه أن من زكاة ماله عن السنة القادمة الجواب: يجوز تعجيل زكاة األموال التي يشترط لها الحول قبل حلول الحول على ال ارجح من أقوال أهل العلم وهو قول الحسن البصري وسعيد بن جبير والزهري واألو ازعي والحنفية والشافعية والحنابلة وهو 26

27 قول إسحاق بن ارهويه وأبو عبيد القاسم ابن سالم وغيرهم انظر المغني 220/2 ويدل على ذلك أحاديث منها: - عن علي بن أبي طالب رضي اهلل عنه )أن العباس بن عبد المطلب عم رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم سأل الرسول عليه الصالة والسالم في تعجيل صدقته قبل أن تح ل فرخص له في ذلك( رواه الترمذي وأبو داود وغيرهما. وقال اإلمام النووي:]واسناده حسن[ المجموع 125/6 وقال الشيخ األلباني: حديث حسن صحيح سنن الترمذي 202/1. - وعن علي أيضا أن النبي صلى اهلل عليه وسلم قال لعمر بن الخطاب:)إنا أخذنا زكاة العباس عام األول للعام( رواه أبو داود والترمذي وقال الشيخ األلباني: حسن أيضا صحيح سنن الترمذي.20/1 - وفي رواية أخرى عن علي أيضا أن النبي صلى اهلل عليه وسلم قال:)إنا كنا احتجنا فاستسلفنا من العباس صدقة عامين( قال البيهقي: وهذا مرسل. قال اإلمام النووي بعد أن ذكر األدلة على جواز تعجيل الزكاة:]إذا عرفت هذا حصل االستدالل على جواز التعجيل من مجموع ما ذكرنا وقد قدمنا في أول هذا الشرح أن الشافعي يحتج بالحديث المرسل إذا اعتضد بأحد أربعة أمور وهي أن يسند من جهة أخرى أو يرسل أو يقول بعض الصحابة أو أكثر العلماء به فمتى وجد واحد من هذه األربعة جاز االحتجاج به وقد وجد في هذا الحديث المذكور 22

28 عن علي رضي اهلل عنه بأنه روي في الصحيحين معناه من حديث أبي هريرة السابق وروى هو أيضا مرسال ومتصال كما سبق وقال به من الصحابة ابن عمر وقال به أكثر العلماء كما نقله الترمذي فحصلت الدالئل المتظاهرة على صحة االحتجاج به واهلل أعلم[ المجموع 126/6. وحديث أبي هريرة الذي أشار إليه اإلمام النووي هو ما رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي اهلل عنه قال:)أمر رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم بصدقة فقيل: منع ابن جميل وخالد بن الوليد وعباس بن عبد المطلب فقال النبي صلى اهلل عليه وسلم: ما ينقم ابن جميل إال أنه كان فقي ار فأغناه اهلل رسوله وأما خالد فإنكم تظلمون خالدا فقد احتبس أد ارعه وأعتده في سبيل اهلل وأما العباس بن عبد المطلب فعم رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم فهي عليه صدقة ومثلها معها(. وفي رواية أخرى: )وأما العباس فهي ع ل ي ومثلها معها( رواه مسلم. وقد اختلف أهل العلم في الم ارد بكالم الرسول صلى اهلل عليه وسلم في حق صدقة العباس على أقوال منها ما قاله الحافظ ابن حجر:]وقيل معنى قوله )ع ل ي ( أي هي عندي قرض ألنني استلفت منه صدقة عامين وقد ورد ذلك صريحا بما أخرجه الترمذي وغيره من حديث علي[ -ثم ذكر الروايات الواردة في تعجيل العباس صدقته وبين حال إسنادها- ثم قال:]... وليس ثبوت هذه القصة في تعجيل صدقة العباس ببعيد في النظر بمجموع هذه الطرق واهلل أعلم[ فتح الباري.26/2 21

29 قال الشيخ األلباني:]قلت: وهو الذي نجزم به لصحة سندها مرسال وهذه شواهد لم يشتد ضعفها فهو يتقوى بها ويرتقي إلى درجة الحسن على أقل األحوال[ إرواء الغليل 29/3. وقال اإلمام النووي في شرح قوله صلى اهلل عليه وسلم:)فهي عل ي ومثلها معها( ]والصواب أن معناه تعجلتها منه وقد جاء في حديث آخر في غير مسلم )إنا تعجلنا منه صدقة عامين([ شرح النووي على صحيح مسلم 29/3. ومما يدل على جواز تعجيل الزكاة ما ورد في جواز تعجيل صدقة الفطر قبل وقت الوجوب كما هو مذهب جمهور أهل العلم وقد ورد عن ابن عمر رضي اهلل عنهما )أنه كان يبعث بزكاة الفطر إلى الذي تجمع عنده قبل الفطر بيومين أو ثالثة( رواه مالك في الموطأ والبيهقي في السنن وغيرهما. ومما احتج به العلماء على جواز تعجيل الزكاة قبل حلول الحول قياس ذلك على جواز الكفارة قبل الحنث لما ثبت في أحاديث كثيرة منها قوله صلى اهلل عليه وسلم:)من حلف على يمين ف أرى غيرها خي ار منها فليكفر عن يمينه وليأت الذي هو خير( رواه مسلم. وقد أجاز الحنفية تعجيل زكاة سنوات كثيرة وأجاز الحسن البصري أن يعجلها لثالث سنوات فقد روى أبو عبيد بإسناده عن حفص بن سليمان قال:]قلت للحسن: أأخرج زكاة ثالثة أعوام ضربة - أي دفعة واحدة - فلم ير بذلك بأسا [ األموال ص

30 واألولى هو أال يزيد التعجيل عن حولين النصوص. ألنه هو الذي وردت به 30

31 ال يصح تأخير صرف الزكاة لمستحقيها يقول السائل: هل يجوز تأخير صرف الزكاة لمستحقيها كأن تبقى أموال الزكاة لدى الموك ل بتوزيعها لمدة سنة أو سنتين ويقوم بتوزيعها على الفق ارء بالتقسيط الجواب: يرى جمهور الفقهاء أن الزكاة واجبة على الفور تأخيرها إذا وجبت هذا في حق من وجبت عليه الزكاة في حق من هو موكل بتوزيعها على المستحقين تعالى: و آت وا ح ق ه ي و م ح ص اد ه في زكاة الزروع ويلحق بها غيرها. سورة األنعام فاهلل سبحانه وتعالى أمر بإيتاء الزكاة اآلية فيجب المبادرة إلى إخ ارجها وتوزيعها على مستحقيها فال ينبغي ومن باب أولى ويدل على ذلك قوله وهذه اآلية 121 فمتى وجبت الزكاة في مال التأخير لجاز إلى غير غاية فتنتفي العقوبة على الترك الفق ارء والمساكين ناجزة وحقهم في الزكاة ثابت لحقهم في وقته. وألنه لو جاز وألن حاجة فيكون تأخيرها منعا وس ئل اإلمام أحمد عن الرجل إذا ابتدأ في إخ ارج الزكاة فجعل يخرجها أوال فأوال فقال:]ال بل يخرجها كلها إن حال الحول[. وقال اإلمام أحمد:]ال يجري على أقاربه من الزكاة في كل شهر يعني ال يؤخر إخ ارجها حتى يدفعها إليهم متفرقة في كل شهر شيئا [ 510/2 الموسوعة الفقهية 295/23. المغني 31

32 ومما يدل على وجوب إخ ارج الزكاة على الفور والمبادرة إلى توزيعها على المستحقين عموم النصوص المرغبة في المبادرة إلى الطاعات كما في قوله تعالى: ف اس ت ب ق وا ال خ ي ر ات سورة البقرة اآلية 121. وقوله تعالى: و س ار ع وا إ ل ى م غ ف ر ة م ن ر ب ك م و ج ن ة ع ر ض ه ا الس م او ات و األ ر ض أ ع د ت ل ل م ت ق ين سورة آل عم ارن اآلية 133. ومما يدل على المبادرة في إخ ارج الزكاة وايصالها إلى مستحقيها ما رواه اإلمام البخاري في صحيحه عن عقبة بن الحارث رضي اهلل عنه قال:)صلى رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم العصر فأسرع ثم دخل البيت فلم يلبث أن خرج فقلت أو قيل له فقال: كنت خل فت في البيت تب ار من الصدقة فكرهت أن أبي ته فقسمته( فانظر أخي المسلم يارعاك اهلل إلى رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يكره أن يبي ت عنده شيء من مال الصدقة فسارع إلى قسمته واعطائه لمستحقيه. وقال ابن بطال معلقا على الحديث السابق:]فيه أن الخير ينبغي أن ي باد ر به فإن اآلفات تعرض والموانع تمنع والموت ال يؤمن والتسويف غير محمود[ فتح الباري 21/2. وقال الحافظ ابن حجر:]و ازد غيره -أي غير ابن بطال- وهو أخلص للذمة وأنقى للحاجة وأبعد من المطل المذموم وأرضى للرب وأمحى للذنب[ فتح الباري 21/2. وبناء على ما تقدم فال يجوز شرعا تأخير إخ ارج الزكاة أو تأخير توزيعها من الشخص أو الجهة الموكلة بتوزيعها ومن يؤخرها بدون عذر شرعي فهو آثم. 32

33 قال اإلمام النووي:]قد ذكرنا أن مذهبنا أنها إذا وجبت الزكاة وتمكن من إخ ارجها وجب اإلخ ارج على الفور فإن أخرها أثم قال مالك وبه وأحمد وجمهور العلماء[ 335/5. المجموع فلذلك ننصح لجان الزكاة والقائمين على توزيع الزكاة أنهم إذا جمعوا الزكاة فالواجب عليهم أن يبادروا إلى توزيعها على وال مستحقيها يؤخروها إال لمدة يسيرة ولعذر مقبول كأن تؤخر لتدفع إلى فقير غائب أشد حاجة وفق ار من الحاضرين. وعلى كل حال فالتأخير المسموح به هو التأخير اليسير الدكتور قال القرضاوي:]وعندي أنه ال ينبغي العدول عن ظاهر ما جاء عن فقهاء المذاهب وان كان التسامح في يوم أو يومين بل أياما أم ار ممكنا جريا على قاعدة اليسر ورفع الحرج أما التسامح في شهر أو شهرين بل أكثر إلى ما دون العام... فال يصح اعتباره حتى ال يتهاون الناس في الفورية الواجبة[ 130/2. فقه الزكاة 33

34 تقول السائلة: الجهل بوجوب الزكاة ال يعد عذرا إلسقاطها إنها ملكت مبلغا كبي ار من المال منذ عدة سنوات ولكنها لم تزك مالها في السنوات الماضية ألنها ال تعلم بوجوب الزكاة على النساء فماذا تصنع إن الجواب: الزكاة فريضة على الرجال والنساء سواء متى تحققت أسبابها وشروطها من ملك النصاب وحوالن الحول والفضل عن الحوائج األصلية. وال فرق بين الرجل والم أرة في وجوب الزكاة كما دلت على ذلك النصوص الموجبة للزكاة كما في قوله تعالى: و أ ي يم وا الص ل ة و ء ات وا الز ك ا ة سورة البقرة اآلية 23 وقوله تعالى: و ال ذ ين ي ك ن ز ون الذ ه ب و ال ف ض ة و ال ي ن ف ق ون ه ا ف ي س ب يل للا ف ب ش ر ه م ب ع ذ اب أ ل يم ي و م ي ح م ى ع ل ي ه ا ف ي ن ار ج ه ن م ف ت ك و ى ب ه ا ج ب اه ه م و ج ن وب ه م و ظ ه ور ه م ه ذ ا م ا ك ن ز ت م أل ن ف س ك م ف ذ وي وا م ا ك ن ت م ت ك ن ز ون سورة التوبة اآليات وقول النبي صلى اهلل عليه وسلم لمعاذ رضي اهلل عنه عندما بعثه إلى اليمن:)أعلمهم أن اهلل افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم وترد على فق ارئهم( رواه البخاري. ومما ورد في خصوص الزكاة على النساء ما جاء في الحديث عن زينب ام أرة عبد اهلل بن مسعود قالت: قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم:)تصد قن يا معشر النساء ولو من حليكن. خفيف ذات اليد أي فقير - أمرنا بالصدقة فإته فاسأله لغيركم. - قالت: فرجعت إلى عبد اهلل فقلت: إنك رجل وان الرسول صلى اهلل عليه وسلم قد فإن كان ذلك يجزي عني واال صرفتها قالت: فقال عبد اهلل: بل ائتيه أنت قالت: فانطلقت فإذا ام أرة 32

35 من األنصار بباب رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم حاجتي حاجتها قالت: وكان رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم قد ألقيت عليه المهابة. قالت: فخرج علينا بالل فقلنا له: إئت رسول اهلل فأخبره أن ام أرتين بالباب يسأالنك: أتجزي الصدقة عنهما على أزواجهما وعلى أيتام في حجورهما وال تخبر من نحن قالت: فدخل بالل فسأله فقال له: من هما فقال: ام أرة من األنصار وزينب فقال الرسول: أي الزيانب فقال: ام أرة عبد اهلل فقال صلى اهلل عليه وسلم: لهما أج ارن أجر الق اربة وأجر الصدقة( متفق عليه. وأما قول السائلة إنها ال تعلم بوجوب الزكاة على النساء فهذا جهل ال يعذر صاحبه شرعا فإن وجوب الزكاة من المعلوم من دين اإلسالم بالضرورة في ديار المسلمين ويجب على من جهل أن يسأل أهل العلم قال تعالى: ف اس أ ل وا أ ه ل الذ ك ر إ ن ك ن ت م ال ت ع ل م ون سورة النحل اآلية.23 والعلم بالزكاة وأحكامها العامة فرض في حق من وجبت عليه وقد ورد في الحديث:)طلب العلم فريضة على كل مسلم( رواه ابن ماجة وغيره وهو حديث صحيح بمجموع طرقه وانظر صحيح الترغيب والترهيب.120/1 والمقصود بالعلم الذي هو فريضة ما هو فرض عين والمقصود بفرض العين ما يجب على كل مسلم مكلف أن يحصله وال يعذر بجهله وحد هذا القسم هو ما تتوقف عليه صحة العبادة أو المعاملة فيجب على المسلم أن يتعلم كيفية الوضوء والصالة واألحكام األساسية في الصوم 35

36 والزكاة إن كان عنده نصاب واألحكام األساسية في الحج إن كان من أهل االستطاعة وكذلك يجب عليه أن يتعلم أحكام المعامالت التي يحتاج إليها. قال ابن عابدين في حاشيته نقال عن العالمي في فصوله:]من ف ارئض اإلسالم تعلم ما يحتاج إليه العبد في إقامة دينه واخالص عمله هلل تعالى ومعاشرة عباده ومكلفة بعد تعلمه علم الدين والهداية والصالة والصوم وعلم الزكاة لمن له نصاب وفرض على كل مكلف تعلم علم الوضوء والغسل والحج لمن وجب عليه والبيوع على التجار ليحترزوا عن الشبهات والمكروهات في سائر المعامالت وكذا أهل الحرف وكل من اشتغل بشيء يفترض عليه علمه وحكمه ليمتنع عن الح ارم فيه[ اإلمام النووي:] حاشية ابن عابدين وقال 22/1. فرض العين وهو تعلم المكلف ما ال يتأدى الواجب الذي تعين عليه فعله إال به ككيفية الوضوء والصالة ونحوها[ وقال اإلمام 22/1. الدين والشافعي في رسالته حكاه أيضا يقدم على فعل حتى يعلم حكم اهلل فيه ما عينه اهلل وشرعه في البيع اهلل تعالى في اإلجارة في الق ارض الصالة بمقتضى ما علم المجموع الق ارفي:]إن الغ ازلي حكى اإلجماع في إحياء علوم في أن المكلف ال يجوز له أن فمن باع وجب عليه أن يتعلم ومن آجر وجب عليه أن يتعلم ما شرعه ومن قارض وجب عليه أن يتعلم حكم اهلل تعالى ومن صلى وجب عليه أن يتعلم حكم اهلل تعالى في تلك وكذلك الطهارة وجميع األقوال واألعمال فمن تعلم وعمل فقد أطاع اهلل طاعتين ومن لم يعلم ولم يعمل فقد 36

37 عصى اهلل معصيتين اهلل تعالى طاعة وعصاه معصية[ ومن علم ولم يعمل بمقتضى علمه فقد أطاع 121/2. الفروق وقال الق ارفي أيضا في االستدالل لكالمه السابق:]ومنه قوله صلى اهلل عليه وسلم:)طلب العلم فريضة على كل مسلم( اهلل: طلب العلم قسمان فرض عين بحالتك التي أنت فيها وفرض كفاية وفرض الكفاية ما عدا ذلك قال الشافعي رحمه ففرض العين علمك فإذا كان العلم بما يقدم اإلنسان عليه واجبا كان الجاهل في الصالة عاصيا بترك العلم فهو كالمتعمد الترك بعد العلم بما وجب عليه فهذا هو وجه قول مالك رحمه اهلل إن الجهل في الصالة كالعمد والجاهل كالمتعمد ال كالناسي وأما الناسي فمعفو عنه لقوله الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه( صلى اهلل عليه وسلم:)رفع عن أمتي وأجمعت األمة على أن النسيان ال إثم فيه من حيث الجملة[ الفروق 129/2. إذا تقرر هذا فأقول للسائلة بأن الزكاة واجبة عليها عن كل السنوات التي لم تز ك فيها ما دام أنها قد ملكت نصابا وتحققت شروط وجوب الزكاة فعليها أن تؤدي زكاة مالها عن السنوات الماضية كلها وال تب أر ذمتها إال بذاك. قال اإلمام النووي:]إذا مضت عليه سنون ولم يؤد زكاتها لزمه إخ ارج الزكاة عن جميعها اإلسالم أم دار الحرب[ سواء علم وجوب الزكاة أم ال وسواء كان في دار المجموع.33/5 أموالها في كل سنة مضت وتزكي عن كل سنة. المقدسي:]وفائدة الخالف أنها إذا كانت في الذمة فعلى هذه الم أرة أن تحسب قال الشيخ ابن قدامة - أي الزكاة - على ماله حوالن لم يؤد زكاتهما وجب عليه أداؤها لما مضى فحال وال 32

38 تنقص عنه الزكاة في الحول الثاني. وكذلك إن كان أكثر من نصاب لم تنقص الزكاة وان مضى عليه أحوال فلو كان عنده أربعون شاة مضى عليها ثالثة أحوال لم يؤد زكاتها وجب عليه ثالث شياه وان كانت مائة دينار فعليه سبعة دنانير ونصف ألن الزكاة وجبت في ذمته فلم يؤثر في تنقيص النصاب[ /2. المغني وبهذا يظهر لنا أن الزكاة وهي حق من الحقوق المالية ال تسقط بالتقادم -أي بمضي المدة- بل تبقى دينا في الذمة وال تب أر ذمة المؤخر لها إال بإخ ارجها سواء أخ رها عمدا أو جهال فالتوبة ال أثر لها في إسقاط الحقوق المالية سواء كانت حقا هلل تعالى أو حقا للعباد. وخالصة األمر أن على هذه الم أرة أن تؤدي زكاة مالها عن جميع السنوات الماضية وال تب أر ذمتها إال بذاك. يقول السائل: التهرب من أداء الزكاة ما حكم ما يفعله بعض الناس من التهرب من أداء الزكاة بطرق ملتوية كمن لديه مال أوشك أن يحول عليه الحول فيقوم بش ارء عمارة وهو ليس بحاجة لها حتى ال يزكي ماله ثم بعد مدة وجيزة يقوم ببيعها ليستأنف حوال جديدا صح الجواب: في الحديث عن النبي صلى اهلل عليه وسلم أنه قال:)إنما األعمال بالنيات وانما لكل امرئ ما نوى( فاهلل سبحانه وتعالى مطلع على النوايا ويعلم خائنة األعين وما تخفي الصدور. 31

39 فالمسلم يجب أن يلتزم بما أمر اهلل سبحانه وتعالى به جملة ف ارئض اهلل سبحانه وتعالى يلتزم بإخ ارجها وأن يضعها في مصارفها الشرعية يحتال إلسقاط الزكاة العلم. أهل على خالف قصده والزكاة من فعلى من وجبت عليه الزكاة أن وال يجوز ألحد أن ويحرم الف ارر من الزكاة وهذا مذهب جماهير وقالوا إن من حاول الف ارر من الزكاة فإنها تؤخذ منه ويعامل كما في قصة أصحاب الجنة التي قصها اهلل علينا قال اهلل تعالى: إ ن ا ب ل و ن اه م ك م ا ب ل و ن ا أ ص ح اب ال ج ن ة إ ذ أ ي س م وا ل ي ص ر م ن ه ا م ص ب ح ين و ال ي س ت ث ن ون ف ط اف ع ل ي ه ا ط ائ ف م ن ر ب ك و ه م ن ائ م ون ف أ ص ب ح ت ك الص ر يم ف ت ن اد و ا م ص ب ح ين أ ن اغ د وا ع ل ى ح ر ث ك م إ ن ك ن ت م ص ار م ين ف ان ط ل ق وا و ه م ي ت خ اف ت ون أ ن ال ي د خ ل ن ه ا ال ي و م ع ل ي ك م م س ك ين و غ د و ا ع ل ى ح ر د ي اد ر ين ف ل م ا ر أ و ه ا ي ال وا إ ن ا ل ض ال ون ب ل ن ح ن م ح ر وم ون ي ال أ و س ط ه م أ ل م أ ي ل ل ك م ل و ال ت س ب ح ون ي ال وا س ب ح ان ر ب ن ا إ ن ا ك ن ا ظ ال م ين ف أ ي ب ل ب ع ض ه م ع ل ى ب ع ض ي ت ل و م ون ي ال وا ي او ي ل ن ا إ ن ا ك ن ا ط اغ ين ع س ى ر ب ن ا أ ن ي ب د ل ن ا خ ي ر ا م ن ه ا إ ن ا إ ل ى ر ب ن ا ر اغ ب ون سورة القلم فأصحاب البستان عزموا على حرمان المساكين من الصدقة فعاقبهم اهلل سبحانه وتعالى بخالف قصدهم قال العالمة ابن كثير:]هذا مثل ضربه اهلل تعالى لكفار قريش فيما أهدى إليهم من الرحمة العظيمة وأعطاهم من النعمة الجسيمة فقابلوه بالتكذيب والرد والمحاربة اختبرناهم أنواع الثمار والفواكه ب ل و ن ا أ ص ح اب ال ج ن ة ك م ا وهو بعثة محمد صلى اهلل عليه وسلم ولهذا قال تعالى: إ ن ا ب ل و ن اه م أي وهي البستان المشتمل على إ ذ أ ي س م وا ل ي ص ر م ن ه ا م ص ب ح ي ن أي فيما بينهم 39

40 ليجذ ن ثمرها ليال لئال يعلم بهم فقير وال سائل ليتوفر ثمرها عليهم وال يتصدقوا منه بشيء و ال ي س ت ث ن ون أي فيما حلفوا به ولهذا حنثهم اهلل في أيمانهم فقال تعالى: ف ط اف ع ل ي ه ا ط ائ ف م ن ر ب ك أي أصابتها آفة سماوية ف أ ص ب ح ت ك الص ر يم [. ثم قال ابن كثير أيضا :]قد ذكر بعض السلف أن هؤالء قد كانوا من أهل اليمن قال سعيد بن جبير: كانوا من قرية يقال لها ضروان على ستة أميال من صنعاء وقيل كانوا من أهل الحبشة وكان أبوهم قد خلف لهم هذه الجنة وكانوا من أهل الكتاب وقد كان أبوهم يسير فيها سيرة حسنة فكان ما يستغل منها يرد فيها ما تحتاج إليه ويدخر لعياله قوت سنتهم ويتصدق بالفاضل فلما مات وورثه بنوه قالوا: لقد كان أبونا أحمق إذ كان يصرف من هذه شيئا للفق ارء ولو أنا منعناهم لنوفر ذلك علينا فلما عزموا على ذلك عوقبوا بنقيض قصدهم فأذهب اهلل ما بأيديهم بالكلية أرس المال والربح والصدقة فلم يبق لهم شيء قال اهلل تعالى: ك ذ ل ك ال ع ذ اب أي هكذا عذاب من خالف أمر اهلل وبخل بما أتاه اهلل وأنعم عليه ومنع حق المسكين والفقير وذوي الحاجات وبدل نعمة اهلل كفرا و ل ع ذ اب اآل خ ر ة أ ك ب ر ل و ك ان وا ي ع ل م ون أي هذه عقوبة الدنيا كما سمعتم وعذاب اآلخرة أشق[ تفسير ابن كثير /2 ومما يدل على تحريم الف ارر من الزكاة ما ورد عن أنس رضي اهلل عنه:)أن أبا بكر رضي اهلل عنه كتب له فريضة الصدقة التي فرض 20

41 رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم: مجتمع خشية الصدقة( رواه البخاري. وال يجمع بين متفرق وال يفرق بين وقد ذكر اإلمام البخاري هذا الحديث في صحيحه في كتاب الحيل باب الزكاة أي ترك الحيل في الزكاة إلسقاطها. شرحه فتح الباري.363/15 قال الحافظ ابن حجر:]قال مالك في الموطأ: صحيح البخاري مع معنى هذا الحديث أن يكون النفر الثالثة لكل واحد منهم أربعون شاة وجبت فيها الزكاة فيجمعونها حتى ال تجب عليهم كلهم فيها إال شاة واحدة أو يكون للخليطين مائتا شاة وشاتان فيكون عليهما فيها ثالث شياه فيفرقونها حتى ال يكون على كل واحد إال شاة واحدة. خطاب لرب المال من جهة وللساعي من جهة أن ال يحدث شيئا من الجمع والتفريق خشية الصدقة. يخشى أن تكثر الصدقة فيجمع تقل الصدقة فيجمع أو يفرق لتكثر خشية أن تكثر الصدقة أو يفرق لتقل فمعنى قوله أو خشية أن تقل الصدقة وقال الشافعي: هو فأمر كل واحد منهم فرب المال والساعي يخشى أن )خشية الصدقة( أي فلما كان محتمال لألمرين لم يكن الحمل على أحدهما بأولى من اآلخر فحمل عليهما معا. الباري لكن الذي يظهر أن حمله على المالك أظهر واهلل أعلم[.56/2 فتح وقال العالمة ابن القيم:]ويدل على تحريم الحيل الحديث الصحيح وهو قوله صلى اهلل عليه وسلم:)ال يجمع بين متفرق وال يفرق بين مجتمع خشية الصدقة( وهذا نص في تحريم الحيلة المفضية إلى إسقاط الزكاة 21

42 أو تنقيصها بسبب الجمع والتفريق فإذا باع بعض النصاب قبل تمام الحول تحيال على إسقاط الزكاة فقد فرق بين المجتمع فال تسقط الزكاة.122/3 عنه بالف ارر منها[ إعالم الموقعين وذكر الخرقي في مختصره مسألة الف ارر من الزكاة فقال:]من كانت عنده ماشية فباعها قبل الحول بد ارهم ف ار ار من الزكاة لم تسقط الزكاة عنه[. وقد فصل الشيخ ابن قدامة المقدسي المسألة بقوله:]قد ذكرنا أن إبدال النصاب بغير جنسه يقطع الحول ويستأنف حوال آخر فإن فعل هذا ف ار ار من الزكاة لم تسقط عنه سواء أكان الم بدل ماشية أو غيرها من النصب. وكذا لو أتلف جزءا من النصاب قصدا للتنقيص لتسقط عنه لم تسقط وتؤخذ الزكاة الزكاة منه في آخر الحول إذا كان إبداله أو إتالفه عند قرب الوجوب ولو فعل ذلك في أول الحول لم تجب الزكاة. ألن ذلك ليس بمظنة للف ارر وبما ذكرناه قال مالك واألو ازعي وابن الماجشون واسحاق وأبو عبيد... ولنا: قول اهلل تعالى: إ ن ا ب ل و ن اه م ك م ا ب ل و ن ا أ ص ح اب ال ج ن ة إ ذ أ ي س م وا ل ي ص ر م ن ه ا م ص ب ح ين و ال ي س ت ث ن ون ف ط اف ع ل ي ه ا ط ائ ف م ن ر ب ك و ه م ن ائ م ون ف أ ص ب ح ت ك الص ر يم فعاقبهم اهلل تعالى بذلك لف اررهم من الصدقة وألنه قصد إسقاط نصيب من انعقد سبب استحقاقه فلم يسقط كما لو طل ق ام أرته في مرض موته وألنه لم ا قصد قصدا فاسدا اقتضت الحكمة معاقبته بنقيض قصده كمن قتل مورثه الستعجال 22

43 مي ارثه عاقبه الشرع بالحرمان واذا أتلفه لحاجته لم يقصد قصدا فاسدا [ المغني 502/2. وخالصة األمر أنه يحرم على المسلم أن يفر من أداء الزكاة بأي وسيلة كانت ألن ذلك من الحيل المحرمة في الشرع وقد نعى اهلل سبحانه وتعالى تحيل اليهود النتهاك المحرمات فقال تعالى: و اس أ ل ه م ع ن ال ق ر ي ة ال ت ي ك ان ت ح اض ر ة ال ب ح ر إ ذ ي ع د ون ف ي الس ب ت إ ذ ت أ ت يه م ح يت ان ه م ي و م س ب ت ه م ش ر ع ا و ي و م ال ي س ب ت ون ال ت أ ت يه م ك ذ ل ك ن ب ل وه م ب م ا ك ان وا ي ف س ق ون سورة األع ارف اآلية 163. وورد في الحديث عن أبي هريرة رضي اهلل عنه:)ال ترتكبوا ما ارتكبت يهود فتستحلوا محارم اهلل بأدنى الحيل( رواه ابن بطة في إبطال الحيل وقال شيخ اإلسالم ابن تيمية:]هذا إسناد جيد يصحح مثله الترمذي وغيره تارة ويحسنه تارة[ إبطال الحيل ص 112. وقال الشيخ األلباني:]وحسن إسناده شيخ اإلسالم ابن تيمية وابن كثير[ صفة الفتوى والمفتي والمستفتي ص 33. وبناء على كل ما سبق يجب على هذا الشخص أن يؤدي الزكاة التي وجبت عليه وهي باقية في ذمته إلى أن يؤديها وال تسقط عنه بما فعل من الحيلة. وجوب الزكاة في مال الصغير 23

44 يقول السائل: إنه وصي على يتيم وقد ورث عن أبيه مبلغا كبي ار من المال فهل تجب الزكاة في مال هذا اليتيم أفيدونا الجواب: الزكاة حق من حقوق المال فتجب في كل مال تحققت فيه شروط الوجوب بغض النظر عن مالك المال فال ينظر فيها إلى المالك فتجب الزكاة في مال البالغ وغير البالغ وتجب في مال العاقل وغير العاقل على ال ارجح من أقوال أهل العلم ويدل على ذلك عموم قوله تعالى: خ ذ م ن أ م و ل ه م ص د ي ة ت ط ه ر ه م و ت ز ك يه م ب ه ا سورة التوبة اآلية 103 ويدل على ذلك أيضا ما ورد في الحديث عن ابن عباس رضي اهلل عنهما )أن النبي صلى اهلل عليه وسلم بعث معاذا رضي اهلل عنه إلى اليمن فقال: ادعهم إلى شهادة أن ال إله إال اهلل وأني رسول اهلل فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن اهلل قد افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن اهلل افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم وترد على فق ارئهم( رواه البخاري ومسلم وصح عن أبي بكر رضي اهلل عنه أنه قال )واهلل ألقاتلن من فر ق بين الصالة والزكاة فإن الزكاة حق المال( رواه البخاري ومسلم. والقول بوجوب الزكاة في مال الصبي يتيما كان أو غير يتيم قال به جمهور الفقهاء وحكى ابن المنذر وجوبها في مال الصبي عن عمر ابن الخطاب وعلي وابن عمر وجابر والحسن بن علي وعائشة وطاووس وعطاء وجابر بن زيد ومجاهد وابن سيرين وربيعة ومالك والثوري والحسن بن صالح وابن عيينة وعبيد اهلل بن الحسن وأحمد 22

45 واسحق وأبي عبيد وأبي ثور وسليمان بن حرب رضي اهلل عنهم انظر المجموع.331/5 وقال اإلمام النووي ]الزكاة عندنا واجبة في مال الصبي والمجنون بال خالف ويجب على الولي إخر اجها من مالهما كما يخرج من مالهما غ ارمة المتلفات ونفقة األقارب وغير ذلك من الحقوق المتوجهة إليهما فإن لم يخرج الولي الزكاة واإلفاقة إخ ارج زكاة ما مضى عصى بالتأخير فال يسقط ما توجه إليهما[ وجب على الصبي والمجنون بعد البلوغ ألن الحق توجه إلى مالهما المجموع.330/5 لكن الولي ومما يدل على وجوب الزكاة في مال اليتيم ما روي في الحديث عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى اهلل عليه وسلم خطب الناس فقال:)أال من ولي يتيما حتى تأكله الصدقة( له مال فليتجر فيه وال يتركه رواه الترمذي وقال: إنما روي هذا الحديث من هذا الوجه وفي إسناده مقال ألن المثنى بن الصباح يضعف في الحديث وروى بعضهم هذا الحديث عن عمرو بن شعيب أن عمر بن الخطاب فذكر هذا الحديث وقد اختلف أهل العلم في هذا الباب ف أرى غير واحد من أصحاب النبي صلى اهلل عليه وسلم في مال اليتيم زكاة منهم عمر وعلي وعائشة وابن عمر وبه يقول مالك والشافعي وأحمد سنن الترمذي واسحق...[ 33-32/3. ويؤيده ما رواه الشافعي بسنده عن يوسف بن ماهك أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم قال:)ابتغوا في مال اليتيم أو أموال اليتامى ال تذهبها وال تستهلكها الصدقة( الشافعي في األم والبيهقي في السنن الكبرى وقال البيهقي: رواه وهذا 25

46 مرسل إال أن الشافعي رحمه اهلل أكده باالستدالل بالخبر األول وبما روي عن الصحابة رضي اهلل عنهم. سنن البيهقي وقال اإلمام النووي.102 /2 ]وقد أكد الشافعي رحمه اهلل هذا المرسل بعموم الحديث الصحيح في إيجاب الزكاة مطلقا وبما رواه عن الصحابة في ذلك ورواه البيهقى عن عمر بن الخطاب رضي اهلل عنه موقوفا عليه وقال إسناده صحيح ورواه أيضا عن علي بن مطرف وروى إيجاب الزكاة في مال اليتيم عن ابن عمر والحسن بن علي وجابر بن عبد اهلل رضي اهلل عنهم[ المجموع.329/5 ويؤيد ذلك أيضا ما رواه البيهقي بسنده عن عمر بن الخطاب اهلل عنه أنه قال: رضي )اتجروا في أموال اليتامى ال تأكلها الصدقة(. وقال البيهقي هذا إسناد صحيح وله شواهد عن عمر رضي اهلل عنه. وقال مالك في الموطأ أنه بلغه عن عمر بن الخطاب رضي اهلل عنه أنه قال:)اتجروا في أموال اليتامى ال تأكلها الصدقة(. وما رواه البيهقي بسنده أن عمر بن الخطاب قال لرجل إن عندنا مال يتيم قد أسرعت فيه الزكاة فدفعه إليه ليتجر فيه له. وقال الحافظ ابن حجر العسقالني:]وروى البيهقي من حديث سعيد بن المسيب عن عمر موقوفا عليه مثله وقال: إسناده صحيح. وروى الشافعي عن ابن عيينة عن أيوب عن نافع عن ابن عمر موقوفا أيضا. وروى البيهقي من طريق شعبة عن حميد بن هالل: سمعت أبا محجن أو ابن محجن وكان خادما لعثمان بن أبي العاص قال: قدم عثمان بن أبي العاص على عمر رضي اهلل عنه فقال له عمر: " 26

47 كيف متجر أرضك فإن عندي مال يتيم قد كادت الزكاة أن تفنيه.قال: فدفعه إليه. وروى أحمد بن حنبل من طريق معاوية بن قرة عن الحكم بن أبي العاص عن عمر نحوه ورواه الشافعي عن ابن عيينة عن أيوب عن نافع عن ابن عمر موقوفا أيضا.وروى مالك في الموطأ عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه قال: " كانت عائشة رضي اهلل عنها تليني وأخا لي يتيما في حجرها وكانت تخرج من أموالنا الزكاة ". وروى الدارقطني والبيهقي وابن عبد البر ذلك من طرق عن علي بن أبي طالب رضي اهلل عنه وهو مشهور عنه[ التلخيص الحبير /2. والقول بوجوب الزكاة في مال اليتيم هو المعروف عن الصحابة رضوان اهلل عليهم قال العالمة المباركفوري:]لم يثبت عن أحد من الصحابة رضي اهلل عنهم بسند صحيح عدم القول بوجوب الزكاة في مال الصبي[ تحفة األحوذي شرح سنن الترمذي 239/3. وخالصة األمر أن الزكاة تجب في مال اليتيم إذا تحققت فيه شروط الوجوب وأن األحاديث الخاصة الواردة في ذلك وان كانت متكلما فيها فإن عموم أدلة وجوب الزكاة تؤيدها ويؤيدها أيضا ما ورد عن الصحابة رضوان اهلل عليهم كما سبق وبناء عليه فيجب على ولي اليتيم إخ ارج الزكاة عن مال اليتيم ويعتبر الحول في أمواله من حين وفاة والده ألنها بموت والده دخلت في ملك اليتيم. 22

48 21

49 السائل: يقول تقدير نصاب زكاة النقود بالذهب لماذا يقدر نصاب النقود في الزكاة بالذهب دون الفضة مع أن تقديره بالفضة يكون لمصلحة للفقير الجواب: إن الزكاة فريضة على األغنياء وترد على الفق ارء كما ثبت في الحديث الصحيح عن ابن عباس رضي اهلل عنهما أن النبي صلى اهلل عليه وسلم بعث معاذا إلى اليمن فقال:)ادعهم إلى شهادة أن ال إله إال اهلل وأني وسول اهلل فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن اهلل افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن اهلل افترض عليهم صدقة في أموالهم من تؤخذ أغنيائهم فترد على فق ارئهم...( رواه البخاري. وجاء في حديث آخر أنه عليه الصالة والسالم قال: )إنما الصدقة عن ظهر غنى( رواه أحمد واسناده صحيح. والغنى الذي يوجب الزكاة عند الفقهاء هو ملك النصاب والمقصود بالنصاب هنا عشرون دينا ار ذهبا وتعادل خمسة وثمانين غ ارما من الذهب أو مئتا درهم من الفضة وتعادل خمسمئة وخمسة وتسعون غ ارما من الفضة. ومن المعلوم أن مقدار النصاب من الذهب -عشرون دينا ار - كانت تساوي مقدار نصاب الفضة في عهد رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ولكن سعر الفضة أخذ في الهبوط بعد ذلك العهد إلى أن صار الفرق بين النصابين ا كبير جدا بينما بقي الذهب محافظا على سعره إلى وقتنا الحاضر مع اختالف يسير حيث إن القوة الش ارئية للذهب في 29

50 زمن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم كانت تساوي )%100 - %120( مما هي عليه اآلن ال أكثر انظر مجلة المجمع الفقهي.1629/3/5 ونظ ار للهبوط الكبير في سعر الفضة أرى كثير من العلماء أن تقدير النصاب في الزكاة بالذهب هو الصحيح نظ ار لثبات سعر الذهب دون الفضة. قال الدكتور يوسف القرضاوي مرجحا هذا القول:]ويبدو لي أن هذا القول سليم الوجهة قوي الحجة فبالمقارنة بين األنصبة المذكورة في أموال الزكاة كخمس من اإلبل أو أربعين من الغنم أو خمسة أوسق من الزبيب أو التمر تجد أن الذي يقاربها في عصرنا الحاضر هو نصاب الذهب ال نصاب الفضة[ فقه الزكاة 262/1. ويقول د. وهبة الزحيلي:]ويجب اعتبار النصاب الحالي كما هو كان في أصل الشرع دون النظر إلى تفاوت السعر القائم بين الذهب والفضة وتقدر األو ارق النقدية بسعر الذهب وألنه هو األصل في التعامل وألن غطاء النقود هو بالذهب وألن المثقال كان في زمن الرسول صلى اهلل عليه وسلم وعند أهل مكة هو أساس العملة...[ الفقه اإلسالمي وأدلته 260/2. وقال د.محمد األشقر:]وقد مال في هذا العصر بعض الفقهاء في هذا العصر إلى الرجوع إلى التقويم في عروض التجارة والنقود الورقية إلى نصاب الذهب خاصة ولذلك وجه بي ن وهو ثبات القدرة الش ارئية للذهب فإن نصاب الذهب - العشرين دينا ار - كان يشترى بها في 50

51 عهد النبي صلى اهلل عليه وسلم عشرون شاة من شياه الحجاز تقريبا وكذلك نصاب الفضة - المئتا درهم - كان ي شت رى بها عشرون شاة تقريبا أيضا أما في عصرنا الحاضر فال تكفي قيمة مئتي درهم من الفضة إال لش ارء شاة واحدة بينما العشرون مثقاال من الذهب تكفي اآلن لش ارء عشرين شاة من شياه الحجاز أو أقل قليال فهذا الثبات في قوة الذهب الش ارئية تتحقق به حكمة تقدير النصاب على الوجه األكمل بخالف نصاب الفضة[ أبحاث فقهية في قضايا الزكاة المعاصرة 30/1. 51

52 يقول السائل: زكاة المال المستفاد إن والده قد توفي وبعد توزيع المي ارث كان نصيبه مبلغا كبي ار من المال فهل تجب الزكاة في هذا المبلغ حاال أم أنه يزكيه مع أمواله األخرى في وقت زكاتها وهو شهر رمضان القادم أفيدونا الجواب: هذه المسألة تسمى عند الفقهاء مسألة زكاة المال المستفاد وهو المال الذي يملكه المكلف بالزكاة أثناء الحول وهو على نوعين: األول هو ربح مال أصله عند المكلف كمن عنده مال تتحقق فيه شروط الزكاة وتاجر به فربح عشرة آالف دينار فهذا ال خالف بين أهل العلم أن زكاته عند زكاة أصله. والنوع الثاني من المال المستفاد هو ما ملكه المكلف بالزكاة أثناء الحول وليس ناتجا عن مال لديه كما ذكر السائل أنه ورث مبلغا كبي ار من المال من أبيه ومثل ذلك من حصل على جائزة مالية أو هبة وكذا مكافأة نهاية الخدمة أو ما توفر من ارتبه عند مشغله ونحو ذلك وهذا النوع من المال المستفاد وقع فيه خالف بين الفقهاء فبعضهم أوجب فيه الزكاة عند قبضه وبدون اشت ارط حوالن الحول عليه. وأما جمهور الفقهاء فيرون أنه ال زكاة فيه حتى يحول عليه الحول وهذا القول هو ال ارجح والذي تؤيده األدلة القوية قال ابن رشد القرطبي المالكي:]وأما وقت الزكاة فإن جمهور الفقهاء يشترطون في وجوب الزكاة في الذهب والفضة والماشية الحول لثبوت ذلك عن الخلفاء األربعة والنتشاره في الصحابة رضي اهلل عنهم والنتشار العمل به والعتقادهم أن مثل هذا االنتشار من غير خالف ال يجوز أن يكون إال عن توقيف. وقد روي 52

53 مرفوعا من حديث ابن عمر رضي اهلل عنه عن النبي صلى اهلل عليه وسلم أنه قال:)ال زكاة في مال حتى يحول عليه الحول( وهذا مجمع عليه عند فقهاء األمصار وليس فيه في الصدر األول خالف إال ما روي عن ابن عباس ومعاوية وسبب االختالف أنه لم يرد في ذلك حديث ثابت[ بداية المجتهد 29-21/5. وقال الحافظ ابن عبد البر:]وأما الذهب والو ر ق فال تجب الزكاة في شيء منها إال بعد تمام الحول أيضا وعلى هذا جمهور العلماء والخالف فيه شذوذ وال أعلمه إال شيء روي عن ابن عباس ومعاوية أنهما قاال: من ملك النصاب من الذهب والو ر ق وجبت عليه الزكاة في الوقت. وهذا قول لم يعرج عليه أحد من العلماء وال قال به أحد من أئمة الصحابة وال قال به أحد من أئمة الفتوى إال رواية عن األو ازعي [ فتح المالك بتبويب التمهيد البن عبد البر على موطأ مالك 20/5. وذكر الحافظ ابن عبد البر أيضا أن القول باشت ارط الحول في الزكاة عليه جماعة الفقهاء قديما وحديثا ال يختلفون فيه أنه ال يجب في مال من العين وال في ماشية زكاة حتى يحول عليه الحول إال ما روي عن ابن عباس وعن معاوية أيضا وال أعلم أحدا من الفقهاء قال بقول معاوية وابن عباس في اط ارح مرور الحول إال مسألة جاءت عن األو ازعي وعقب الحافظ ابن عبد البر بقوله:]هذا قول ضعيف متناقض[ انظر االستذكار 33-32/9. والقول باشت ارط الحول في الزكاة قال به األئمة األربعة وثبت ذلك عن الخلفاء األربعة وهو قول مشهور بين الصحابة وعملوا به وهذا االنتشار ال يجوز إال أن يكون 53

54 عن توقيف كما قال العالمة ابن رشد بداية المجتهد 21/5. وقال أبو عبيد القاسم بن سالم مؤيدا اشت ارط الحول:]فقد تواترت اآلثار عن علية أصحاب رسول اهلل.505 صلى اهلل عليه وسلم بهذا[ كتاب األموال ص وحديث ابن عمر رضي اهلل عنه الذي ذكره ابن رشد وهو أن النبي صلى اهلل عليه وسلم قال:]ال زكاة في مال حتى يحول عليه الحول[ رواه الترمذي وابن ماجة والبيهقي والدار قطني وغيرهم. وقد ورد بهذا اللفظ ونحوه عن جماعة من الصحابة وهذه األحاديث فيها كالم طويل ألهل الحديث لالستدالل بمجموع طرقها ال يتسع المقام إلي ارده والصحيح أنها تصلح بل إن بعض طرقها صحيح أو حسن. الشيخ أحمد الغماري بعد أن تكلم على أسانيد هذه األحاديث:] أن مجموع هذه األحاديث مع حديث علي الذي هو حسن قال إال يصل إلى درجة المعمول به ال سيما مع تواتر ذلك عن الصحابة كما قال أبو عبيد في األموال: قد تواترت اآلثار عن علية أصحاب رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم بهذا ثم أسند ذلك عن علي وابن عمر وأبي بكر وعثمان وابن مسعود وطارق بن شهاب وفي مصنف ابن أبي شيبة زيادة أبي بكرة وعائشة وبعض ذلك في الموطأ كأثر ابن عمر وعثمان[ الهداية في تخريج أحاديث البداية 16-12/5. وحديث علي رضي اهلل عنه الذي أشار إليه الشيخ الغماري هو أن النبي صلى اهلل عليه وسلم قال:)قد عفوت عن صدقة الخيل والرقيق فهاتوا من الرقة ربع العشر من كل مئتي درهم خمسة در اهم ومن كل عشرين دينا ار نصف دينار 52

55 وليس في مئتي درهم شيء حتى يحول عليها الحول ففيها خمسة د ارهم الخ( رواه أبو داود والبيهقي وصححه الشيخ األلباني في صحيح سنن أبي داود 296/1. وكذلك فإن الشيخ األلباني صحح حديث ابن عمر المذكور بمجوع طرقه وذكر أن حديث علي رضي اهلل عنه السابق يقويه فقال:]ثم وجدت للحديث طريقا أخرى بسند صحيح عن علي رضي اهلل عنه خرجته في صحيح أبي داود فصح الحديث والحمد هلل[ إرواء الغليل 251/3. وقال اإلمام الزيلعي عن حديث علي المذكور:] فالحديث حسن قال النووي رحمه اهلل في الخالصة وهو حديث صحيح أو حسن[ نصب ال ارية 321/2. وقال الحافظ ابن حجر:] حديث علي ال بأس بإسناده واآلثار تعضده فيصلح للحجة واهلل أعلم[ التلخيص الحبير 156/2. وقال الحافظ أيضا : إنه حديث حسن. بلوغ الم ارم ص 121. كما أن الحافظ الع ارقي قد جو د إسناد حديث علي رضي اهلل عنه كما في إتحاف السادة المتقين 16/2. وقال اإلمام الشوكاني بعد أن ذكر األحاديث الواردة في اشت ارط الحول:]ومجموع هذه األحاديث تقوم به الحجة في اعتبار الحول[ السيل الج ارر 13/2. والمسألة فيها كالم طويل للعلماء المتقدمين والمعاصرين ال يتسع له المقام ولكن أكثر المجامع العلمية المعاصرة اختارت قول الجمهور واختار الدكتور القرضاوي ال أري اآلخر وهو ضعيف كما ذكرت. إذا تقرر أن ال ارجح أنه ال زكاة في المال المستفاد حتى يحول عليه الحول فهنالك طريقتان في ذلك: األولى أن صاحبه يستقبل به الحول 55